نشرة جريدة الحياة الصادرة في لندن مقال بعنوان أضعف الإيمان .. ديمقراطية التعطيل.
رأيت في المقال نظره خارجية أو لنقل عربية للديمقراطية الكويتية من خلال عين صحفي عربي. ورأيت أن انشره على المدونة لما يحمل في طياته الكثير من الأمور التي تستحق القراءة.
أضعف الإيمان - ديمقراطية التعطيل
السبت, 21 نوفمبر 2009
داود الشريان
قدم النائب الكويتي ضيف الله بورمية استجواباً للنائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع الكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح، هو الرابع من نوعه في مجلس الأمة خلال أسبوع، والثالث في حق عضو من الأسرة الحاكمة، أولهم رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد.
الاستجوابات الأربعة أوجدت بين الكويتيين حالاً من «الزهد» في الديمقراطية التي تنتهجها بلادهم منذ مطلع القرن العشرين، لكن التشاؤم الذي أثارته الاستجوابات الأخيرة، أفضى إلى حوار كويتي مختلف هذه المرة، وتجاوز النقاش قضية تعليق المجلس أو العكس، إلى طرح أسئلة جدية وعميقة حول لعبة الاستجوابات. وبدأ الكلام من سؤال مهم: هل الأسرة الحاكمة في الكويت ترفض عملياً الديمقراطية بمعناها الكامل؟ فالقانون يجيز استجواب الوزراء، لكن الحكومة ترفضه، وكأن هناك صفقة بين بعض النواب، وأطراف في الأسرة الحاكمة، مضمونها، انتم تطلبون الاستجواب، ونحن نرفض، ونبقى دائماً في منتصف الطريق، ونشل البلد، وتتوقف عجلة التنمية، إلى ان يترسخ اقتناع لدى الناس بأن الديمقراطية مشروع للتعطيل، بدليل خروج تظاهرة تطالب بإغلاق مجلس الأمة.
فريق آخر يستبعد فكرة «الصفقة»، ويرى في تزايد الاستجوابات مؤشراً إلى رغبة عند النخب في إقصاء الأسرة الحاكمة من رئاسة الوزارة ، ونقلها إلى أبناء الشعب، وتقليد النموذج الأردني: اجعل رئيس الوزراء من غير الأسرة، وإذا اخطأ اعزله، وآت بغيره، إلى أن يصبح الشعب الكويتي كله يلقب بـ «معالي الشعب الكويتي»، أسوة بالشعب الأردني الذي يلقب نصفه بـ «دولة الرئيس». لكن هذه الرغبة ستجعل الوزراء من أبناء الأسرة يأتمرون بقرار من مواطن، وكأن النخب تريد الوصول إلى معادلة «لكم الحكم ولنا إدارته». الفريق الثالث يرى أن لا علاقة للنخب أو غيرها بهذه اللعبة، فالشعب الكويتي، مثل غيره من شعوب الخليج، متمسك بالأسر الحاكمة، وليس في وارد الحديث عن دورها ومكانتها، ومؤمن بأنها المعادل الموضوعي للوطن، وأن ما يجري مؤشر إلى خلافات داخل الأسرة الحاكمة، تحركها رغبة الجيل الثالث في الوصول إلى الحكم عبر استجواب الكبار، والضغط على الأمير لتغييرهم بالشباب من أبناء الأسرة.
الأكيد أن هذا النقاش دليل على ان التجربة الديمقراطية في الكويت ليست مزيفة أو مفتعلة، إلا انها لم تنضج بعد، لكن المهم ان الأسرة الحاكمة في الكويت تعتبرها، حتى الآن، جزءاً من شرعيتها، وترى الإساءة اليها مساً بكرامتها الوطنية. وأمام هذا الموقف ربما وجد الشيخ صباح الأحمد ان لا مناص من الجيل الثالث.
رأيت في المقال نظره خارجية أو لنقل عربية للديمقراطية الكويتية من خلال عين صحفي عربي. ورأيت أن انشره على المدونة لما يحمل في طياته الكثير من الأمور التي تستحق القراءة.
أضعف الإيمان - ديمقراطية التعطيل
السبت, 21 نوفمبر 2009
داود الشريان
قدم النائب الكويتي ضيف الله بورمية استجواباً للنائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع الكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح، هو الرابع من نوعه في مجلس الأمة خلال أسبوع، والثالث في حق عضو من الأسرة الحاكمة، أولهم رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد.
الاستجوابات الأربعة أوجدت بين الكويتيين حالاً من «الزهد» في الديمقراطية التي تنتهجها بلادهم منذ مطلع القرن العشرين، لكن التشاؤم الذي أثارته الاستجوابات الأخيرة، أفضى إلى حوار كويتي مختلف هذه المرة، وتجاوز النقاش قضية تعليق المجلس أو العكس، إلى طرح أسئلة جدية وعميقة حول لعبة الاستجوابات. وبدأ الكلام من سؤال مهم: هل الأسرة الحاكمة في الكويت ترفض عملياً الديمقراطية بمعناها الكامل؟ فالقانون يجيز استجواب الوزراء، لكن الحكومة ترفضه، وكأن هناك صفقة بين بعض النواب، وأطراف في الأسرة الحاكمة، مضمونها، انتم تطلبون الاستجواب، ونحن نرفض، ونبقى دائماً في منتصف الطريق، ونشل البلد، وتتوقف عجلة التنمية، إلى ان يترسخ اقتناع لدى الناس بأن الديمقراطية مشروع للتعطيل، بدليل خروج تظاهرة تطالب بإغلاق مجلس الأمة.
فريق آخر يستبعد فكرة «الصفقة»، ويرى في تزايد الاستجوابات مؤشراً إلى رغبة عند النخب في إقصاء الأسرة الحاكمة من رئاسة الوزارة ، ونقلها إلى أبناء الشعب، وتقليد النموذج الأردني: اجعل رئيس الوزراء من غير الأسرة، وإذا اخطأ اعزله، وآت بغيره، إلى أن يصبح الشعب الكويتي كله يلقب بـ «معالي الشعب الكويتي»، أسوة بالشعب الأردني الذي يلقب نصفه بـ «دولة الرئيس». لكن هذه الرغبة ستجعل الوزراء من أبناء الأسرة يأتمرون بقرار من مواطن، وكأن النخب تريد الوصول إلى معادلة «لكم الحكم ولنا إدارته». الفريق الثالث يرى أن لا علاقة للنخب أو غيرها بهذه اللعبة، فالشعب الكويتي، مثل غيره من شعوب الخليج، متمسك بالأسر الحاكمة، وليس في وارد الحديث عن دورها ومكانتها، ومؤمن بأنها المعادل الموضوعي للوطن، وأن ما يجري مؤشر إلى خلافات داخل الأسرة الحاكمة، تحركها رغبة الجيل الثالث في الوصول إلى الحكم عبر استجواب الكبار، والضغط على الأمير لتغييرهم بالشباب من أبناء الأسرة.
الأكيد أن هذا النقاش دليل على ان التجربة الديمقراطية في الكويت ليست مزيفة أو مفتعلة، إلا انها لم تنضج بعد، لكن المهم ان الأسرة الحاكمة في الكويت تعتبرها، حتى الآن، جزءاً من شرعيتها، وترى الإساءة اليها مساً بكرامتها الوطنية. وأمام هذا الموقف ربما وجد الشيخ صباح الأحمد ان لا مناص من الجيل الثالث.
0 التعليقات:
إرسال تعليق