بقلم : د. أحمد الخطيب
وينشر اليوم بجريدة القبس
أما وقد بلغ الوضع هذه الخطورة، واصبحنا نستسيغ الحلول الاستثنائية الخطرة، فان من الواجب ان نحاول اللجوء الى العقل حتى لا نستمر في مسلكنا الذي سيؤدي الى خسارتنا ودمارنا ودمار بلدنا. فلن يكون هناك رابح، ولسنا بحاجة الى قراءة التاريخ لنقول ذلك، بل يكفي ان نستعرض احداثا شاهدناها بأم اعيننا.
لذلك أرى من الواجب ان نتحدث بصراحة كاملة ومن دون مجاملة، ولكن بتقدير ومحبة يفرضهما علينا عيشنا المشترك وعاداتنا التي ورثناها من الآباء والاجداد.
كلنا متفقون على أن اوضاعنا غير طبيعية وغير صحية، لا بل خطرة، ولابد من ان يتعاون المخلصون والمحبون لهذا البلد لاخراجه من المأزق الذي فيه، وانا إذ اقدم تصوري آمل من كل مخلص ان يقدم تصوره حتى نشخص المرض ونعالجه. وسأحاول وضع الخطوط العريضة المهمة التي من دونها لن يكون هناك علاج:
أولاً: استرجاع هيبة الدولة، وهذا لا يمكن ان يتم الا بتطبيق القانون على الجميع وعلى الكبير قبل الصغير، حتى نحفظ للناس حقوقهم وكرامتهم لكي يعتبروا الدولة أمهم الحنون، وعندها لن يكونوا بحاجة الى الحماية والمساعدة من تكتلات عنصرية او طائفية او مالية مدمرة ومفرقة للمجتمع.
ثانياً: وهذا لا يمكن تحقيقه الا باصلاح الجهاز الاداري الذي تفشى فيه الفساد بشكل غير مسبوق، لأن معايير التعيين كانت مجرمة لان الولاء للمتنفذين كان معيار التعيين، وكان ارضاء الأصحاب والازلام هو المهم وليس الكفاءة وتحسين اداء الجهاز، لا بل وصل الوضع الى ان يُسمح للنواب وبعض المتنفذين باهانة ــ لا بل الاعتداء على ــ الموظفين الشرفاء الملتزمين بالقوانين والنظم المعمول بها.
وتأتي الطامة الكبرى، وهي الا تنتصر الحكومة لهؤلاء الشرفاء، فبدل ان تحميهم وتكافئهم غالباً ما تعاقبهم، مما خلق جوا من الاحباط واللامبالاة عند بعضهم لأن نزاهتهم قد تقطع ارزاقهم.
ثالثاً: ما ينطبق على الموظفين ينطبق على الحكومة، فاختيارهم على الاغلب يكون وفقا لولاءات شخصية، ونادراً ما يكون لكفاءتهم، وضعفهم وحبهم للكرسي يجعلانهم عرضة للابتزاز من النواب، اما الوزير المقتدر النظيف فلا يمكن ان يخضع للضغوط سواء كانت من تحت او من فوق، ويكون اقدر على مواجهة اي استجواب يتعرض له، وعلى إبطال الاستجواب الذي يكون هدفه الابتزاز.
رابعا: هنا تأتي عملية الانتخابات والتزوير المستمر للعملية الانتخابية، ولا احد يمكن ان ينكر ذلك، وهنا المسؤولية تقع على عاتق النظام وتدخلاته المستمرة في العملية الانتخابية، فقانون الانتخاب صريح وواضح حيث يدين كل انواع المخالفات التي نراها ويضع لها عقوبات صارمة تصل الى حد السجن، وما على النظام اذا اراد الاصلاح الا تطبيقها بحزم على الجميع من دون تمييز، ومن هنا ينتهي كذلك موضوع الواسطات الشخصية التي أصبحت المقياس الاهم لنجاح الافراد، والنظام شجع ذلك وسهَّله لحشد الاتباع في المجلس.
انا لا اعتقد أن النظام بحاجة الى التدخل للحصول على الاغلبية في المجلس، فالكل مستعد لتوفير هذه الاغلبية للحكومة اذا ما تبنت برنامجا اصلاحيا معقولا، لان استقرار نظام الحكم مثبت بالدستور ولا يمكن المساس به، ولا اعتقد ان احدا عاقلا قد فكر في ذلك يوما من الايام.
خامساً: ما ذكرته سابقا يؤثر في تركيبة مجلس الأمة بشكل كبير، ويؤثر في ادائه وسمعته واحترامه عند الناس، لكنني اقولها بكل صراحة ومحبة ان معظم رؤساء المجالس كان لهم دور كبير في عدم ضبط الامور داخل المجلس، فلائحة المجلس تعطي الحق لرئيس المجلس بأن يمنع كل ما يمس كرامة الناس، اعضاء ومواطنين، وهناك عقوبات صارمة يمكن ان يلجأ اليها بموافقة المجلس. رئاسة السلطة التشريعية من اخطر واهم المناصب في الدولة، وهذه السلطة هي التي تسن القوانين وتحاسب الحكومة على التجاوزات، فكيف تسمح لنفسها بانتشار الفساد في اروقتها؟!
الامور الاستثنائية لا تعالَج بطرق استثنائية، والخطأ لا يعالَج بالخطأ، ان دستورنا الذي ارتضيناه جميعا فيه العلاج لمشاكلنا وازماتنا، وقد جربناه في الشدة وكان خير نصير لنا.
فأرجوكم ارحموه ولا تحمّلوه اخطاءكم.. وفقكم الله الى كل عمل صالح وادام المودة بيننا لننهض بوطننا الذي يستحق منا كل التضحيات.
هذا ما جال بخاطري وانا حزين اسمع انين وطني لما اصابه من بلاء، الا انني آمل ان اكون قد وفقت في اعادة الحوار الى جادة الصواب.
أما وقد بلغ الوضع هذه الخطورة، واصبحنا نستسيغ الحلول الاستثنائية الخطرة، فان من الواجب ان نحاول اللجوء الى العقل حتى لا نستمر في مسلكنا الذي سيؤدي الى خسارتنا ودمارنا ودمار بلدنا. فلن يكون هناك رابح، ولسنا بحاجة الى قراءة التاريخ لنقول ذلك، بل يكفي ان نستعرض احداثا شاهدناها بأم اعيننا.
لذلك أرى من الواجب ان نتحدث بصراحة كاملة ومن دون مجاملة، ولكن بتقدير ومحبة يفرضهما علينا عيشنا المشترك وعاداتنا التي ورثناها من الآباء والاجداد.
كلنا متفقون على أن اوضاعنا غير طبيعية وغير صحية، لا بل خطرة، ولابد من ان يتعاون المخلصون والمحبون لهذا البلد لاخراجه من المأزق الذي فيه، وانا إذ اقدم تصوري آمل من كل مخلص ان يقدم تصوره حتى نشخص المرض ونعالجه. وسأحاول وضع الخطوط العريضة المهمة التي من دونها لن يكون هناك علاج:
أولاً: استرجاع هيبة الدولة، وهذا لا يمكن ان يتم الا بتطبيق القانون على الجميع وعلى الكبير قبل الصغير، حتى نحفظ للناس حقوقهم وكرامتهم لكي يعتبروا الدولة أمهم الحنون، وعندها لن يكونوا بحاجة الى الحماية والمساعدة من تكتلات عنصرية او طائفية او مالية مدمرة ومفرقة للمجتمع.
ثانياً: وهذا لا يمكن تحقيقه الا باصلاح الجهاز الاداري الذي تفشى فيه الفساد بشكل غير مسبوق، لأن معايير التعيين كانت مجرمة لان الولاء للمتنفذين كان معيار التعيين، وكان ارضاء الأصحاب والازلام هو المهم وليس الكفاءة وتحسين اداء الجهاز، لا بل وصل الوضع الى ان يُسمح للنواب وبعض المتنفذين باهانة ــ لا بل الاعتداء على ــ الموظفين الشرفاء الملتزمين بالقوانين والنظم المعمول بها.
وتأتي الطامة الكبرى، وهي الا تنتصر الحكومة لهؤلاء الشرفاء، فبدل ان تحميهم وتكافئهم غالباً ما تعاقبهم، مما خلق جوا من الاحباط واللامبالاة عند بعضهم لأن نزاهتهم قد تقطع ارزاقهم.
ثالثاً: ما ينطبق على الموظفين ينطبق على الحكومة، فاختيارهم على الاغلب يكون وفقا لولاءات شخصية، ونادراً ما يكون لكفاءتهم، وضعفهم وحبهم للكرسي يجعلانهم عرضة للابتزاز من النواب، اما الوزير المقتدر النظيف فلا يمكن ان يخضع للضغوط سواء كانت من تحت او من فوق، ويكون اقدر على مواجهة اي استجواب يتعرض له، وعلى إبطال الاستجواب الذي يكون هدفه الابتزاز.
رابعا: هنا تأتي عملية الانتخابات والتزوير المستمر للعملية الانتخابية، ولا احد يمكن ان ينكر ذلك، وهنا المسؤولية تقع على عاتق النظام وتدخلاته المستمرة في العملية الانتخابية، فقانون الانتخاب صريح وواضح حيث يدين كل انواع المخالفات التي نراها ويضع لها عقوبات صارمة تصل الى حد السجن، وما على النظام اذا اراد الاصلاح الا تطبيقها بحزم على الجميع من دون تمييز، ومن هنا ينتهي كذلك موضوع الواسطات الشخصية التي أصبحت المقياس الاهم لنجاح الافراد، والنظام شجع ذلك وسهَّله لحشد الاتباع في المجلس.
انا لا اعتقد أن النظام بحاجة الى التدخل للحصول على الاغلبية في المجلس، فالكل مستعد لتوفير هذه الاغلبية للحكومة اذا ما تبنت برنامجا اصلاحيا معقولا، لان استقرار نظام الحكم مثبت بالدستور ولا يمكن المساس به، ولا اعتقد ان احدا عاقلا قد فكر في ذلك يوما من الايام.
خامساً: ما ذكرته سابقا يؤثر في تركيبة مجلس الأمة بشكل كبير، ويؤثر في ادائه وسمعته واحترامه عند الناس، لكنني اقولها بكل صراحة ومحبة ان معظم رؤساء المجالس كان لهم دور كبير في عدم ضبط الامور داخل المجلس، فلائحة المجلس تعطي الحق لرئيس المجلس بأن يمنع كل ما يمس كرامة الناس، اعضاء ومواطنين، وهناك عقوبات صارمة يمكن ان يلجأ اليها بموافقة المجلس. رئاسة السلطة التشريعية من اخطر واهم المناصب في الدولة، وهذه السلطة هي التي تسن القوانين وتحاسب الحكومة على التجاوزات، فكيف تسمح لنفسها بانتشار الفساد في اروقتها؟!
الامور الاستثنائية لا تعالَج بطرق استثنائية، والخطأ لا يعالَج بالخطأ، ان دستورنا الذي ارتضيناه جميعا فيه العلاج لمشاكلنا وازماتنا، وقد جربناه في الشدة وكان خير نصير لنا.
فأرجوكم ارحموه ولا تحمّلوه اخطاءكم.. وفقكم الله الى كل عمل صالح وادام المودة بيننا لننهض بوطننا الذي يستحق منا كل التضحيات.
هذا ما جال بخاطري وانا حزين اسمع انين وطني لما اصابه من بلاء، الا انني آمل ان اكون قد وفقت في اعادة الحوار الى جادة الصواب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق